على محمد الحازمي
مؤخراً قامت المملكة العربية السعودية باطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة، والتي تهدف للتركيز على 12 قطاعاً فرعياً لزيادة عدد المصانع إلى 36 ألف مصنع. وتعمل هذه الاستراتيجية على تعزيز قاعدة الصادرات الصناعية لتتجاوز مستويات 148 مليار دولار وباستثمارات تضاف لهذا القطاع تتجاوز 345 مليار دولار. يعد توسيع القاعدة الصناعية في المملكة ركيزة أساسية من استراتيجية رؤية المملكة 2030 لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على عائدات النفط، حيث تم استهداف الصناعة محركاً للنمو غير النفطي في المستقبل وخلق العديد من فرص العمل. خطط التوسع للقطاعات الصناعية الاستراتيجية تسير بشكل متسارع وهي جزء من التحول الاجتماعي والاقتصادي طويلة الأمد للمملكة.
ترافق مع إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة؛ التي ستخلق 800 فرصة استثمارية والمبادرة الوطنية لسلاسل الإمداد العالمية، بيان سعودي-صيني مشترك على إنشاء مركز إقليمي للمصانع الصينية في المملكة. لطالما كانت عمليات نقل التكنولوجيا قضية مهمة للاقتصاد السعودي منذ الأيام الأولى لرؤيتها 2030، وذلك من أجل خلق قطاع صناعي عالي التقنية يقف على أرضية صلبة. حتماً، ستجد المملكة ضالتها في الصين التي تتمتع بخبرات صناعية كبيرة وخاصة في القطاع التكنولوجي الحساس؛ مما يعطيها ميزة لتكون شريكاً صناعياً مهماً للمملكة. وكما هو معلن تستهدف المملكة ضمن استراتيجيتها الصناعية الجديدة قطاعات تقنية دقيقيه ذات تكنولوجيا متقدمة عالية، وهذا يتوافق مع خبرات الصين في هذا الجانب.
يأتي إنشاء مركز إقليمي للمصانع الصينية في المملكة من منطلق إيمان الصين بكون المملكة شريكاً ذا موثوقية عالية وخاصة في مجال الطاقة مما سيوفر للمصانع الصينية سلاسل إمداد موثوقة للطاقة، إضافة لموقع المملكة الاستراتيجي الذي يتقاطع مع ثلاث قارات. علاوة على ذلك تعد المملكة الشريك التجاري الأكبر لها في منطقة غرب آسيا وشمال أفريقيا، فعلى سبيل المثال إذا قارنا فقط حجم التجارة البينية بين الدولتين في أغسطس من العام 2021 و2022 نلاحظ ارتفاع صادرات الصين إلى المملكة بمقدر 26.3% من 2.52 مليار دولار إلى 3.19 مليار دولار، في حين زادت صادرات المملكة إلى الصين بواقع 42.9% من 5.5 مليار دولار لتلامس مستويات 7.86 مليار دولار تركزت في المنتجات البتروكيماوية، حيث زادت صادرات بوليمرات الإيثيلين (126 مليون دولار أي 58.8%) والبروبيلين بوليمرات (32.7 مليون دولار أي 75.4%) والكبريت (12.9 مليون دولار أي 256%).
في الوقت ذاته، المملكة لديها قناعة تامة بأهمية الصين الدولية كونها دولة تتمتع بثقل سياسي واقتصادي مهم وهذا ملاحظ من خلال نمو حجم التجارة الخارجية للصين في العقدين الأخيرين وامتلاكها لأحدث وسائل التكنولوجيا التي تحتاجها العديد من الدول. قصة نجاح الصين في الاحتواء والسيطرة على تفشى وباء كورونا مرة أخرى في شنغهاي ما هو إلا دليل على الخبرات التراكمية لها في التعامل مع القضايا ذات الصلة، هذا بدوره سينعكس على الاقتصاد العالمي إيجاباً من خلال استقرار سلاسل التوريد.