كلمات

الانتعاش الاقتصادي عامل تحرر وأنفتاح على التعايش

في مؤلفه الأشهر «الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية» (1905م)، يفترض عالم الاجتماع الألماني ماكس فيبر أنه في مقابل الكاثوليكية المحافظة، فإن الإصلاح البروتستانتي التجديدي وما تضمنه من منظومة أخلاقية جديدة في المسيحية هو ما دفع بتطور الرأسمالية قدُمًا إلى الأمام. بمقاربة لا تخلو من ذاتية وشيء من التحيز، رأى فيبر أن البروتستانتيين يعملون أكثر من نظرائهم الكاثوليكيين وهم يربحون بالتالي أكثر منهم، وأن ما تميزوا به من السعي وراء الربح «دائم القدرة على التجدد» و«البحث عن المردودية» والقدرة على مراكمة رأس المال هو ما صاغ روح الرأسمالية الغربية الحديثة.على خلاف ماركس الذي منح الأولوية للبنية التحتية (الاقتصاد خاصة) في تغيير البنية الفوقية (بما فيها الدِّين)، يجعل فيبر من الدِّين محركًا للاقتصاد. هكذا يُجري فيبر مفاضلتين مزدوجتين في آنٍ؛ فهو يعطي أولًا الأسبقية للديني على الاقتصادي، ويمنح ثانيًا الأولوية للبروتستانتية على الكاثوليكية؛ مذهبَي الديانة المسيحية البارزين. لكن إذ تنحصر نظرية فيبر التفاضلية تلك في إطار المسيحية الغربية، فإن أحد ناقديه البارزين وهو فيرنر سومبارت سيوسع من دائرة المقارنة، ويمنح الفضل في تطور الرأسمالية الحديثة لليهود بدلًا من البروتستانت.بين أولوية الدين على الاقتصاد (فيبر) أو أولوية الاقتصاد على الدين (ماركس) ينقسم علماء الاجتماع والفلسفة في مقاربة تلك العلاقة المعقدة بين الدين والاقتصاد. على الرغم من عيوب التحيز الواضح فيها، فإن نظرية فيبر-التي تمنح القيمَ الدينية أثرًا جوهريًّا على العملية الاقتصادية المزامنة لها سلبًا أو إيجابًا وذلك وفقًا لدرجة حداثتها وعقلانيتها وواقعيتها، أو تخلفها وجمودها- تظل مقاربة مهمة تحولت إلى مرجعية كلاسيكية في تناول إشكالية التأثير المتبادل بين الديني والاقتصادي. وعلى الرغم من اعترافنا بهذه الأهمية، فإن هذه الورقة ستبتعد من رؤية فيبر هذه في نقطتين اثنتين: الأولى هي أننا سنكتفي بالبحث هنا في أثر الاقتصاد في تحرير القيم الدينية لا العكس. والثانية هو أننا لن نقع في خطأ فيبر في المفاضلة المذهبية كما فعل هو بين مسيحية بروتستانتية وأخرى كاثوليكية، فمثل هذه المقاربة تظل خطيرة من حيث الدلالات الاجتماعية والسياسية ويمكن جرها إلى ميدان الحرب الزائفة المؤسفة بين المذاهب. وإننا إذ نحاول تجنب المنزلق الذي وقع فيه فيبر فإننا سنتجنب كذلك تلك الاقتصادوية الماركسية التي طغت على تناول علاقة الاقتصاد بالدين بعد ماركس وبخاصة على يد إنجلس والماركسية اللينينية وما بعدها التي تعيد كل ما يحدث في العالم إلى الاقتصاد والصراع على الربح ومراكمة رأس المال.تقوم أطروحتي هنا على فكرة أن الدولة الوطنية الحديثة الحريصة على تنمية اقتصادها وتطويره وازدهاره تحتاج، من أجل هذا الهدف، إلى سن وتشريع أنظمة وقوانين سلِسة، مرنة، حديثة تضمن حركة رؤوس الأموال واستقطاب الاستثمارات وحركة البضاعة وحرية التجارة وعمل البنوك ونظام الاقتراض المصرفي والتمويل وسهولة وسرعة الحوالات المالية ونظم الأتمتة المصرفية والرهانات والبورصة والبيروقراطية (بمعناها الإيجابي: أي المأسسة الإدارية الاختصاصية)،… إلخ. لا شك أن وجود مثل هذه الترسانة القانونية التشريعية ووضعها موضع تطبيق أمر حاسم وجوهري لا غنى عنه لحياة وتطور أي اقتصاد.لكن وجود قوانين تسهل حركة رؤوس الأموال والاستثمارات لا تكفي وحدها لازدهار الاقتصاد الوطني لأي بلد مهما كانت ثرواته الطبيعية أو البشرية أو موقعه الجغرافي أو الإستراتيجي إذا كانت تسوده اضطرابات أمنية داخلية أو صراعات دينية مذهبية أو طائفية أو عرقية أو تهيمن عليه منظومات قيم محافظة دينية ذات توجه زهدي عازف عن الدنيا، بل مستنكر لكل أشكال الحياة بما فيها الاقتصاد.وإذ تتحمل الدولة بشكلٍ أساسي مسؤولية توفير الأمن والسلم الداخليين ويتوجب عليها (إذا كانت ذات إرادة وطنية) خلق الأجواء المناسبة للتحديث الفكري والإصلاح الديني والانفتاح الاجتماعي فإن أكثر ما يمكن أن يساهم بمثل هذه المهمة الأخيرة هو النهوض الاقتصادي. وبمعنى أوضح -وهذه فكرتي الأساسية- ليس الإصلاح الديني شرطًا سابقًا على نمو الاقتصاد بالضرورة (كما رأى فيبر)، وإنما هو في الأغلب أحد النتائج المباشرة لنهوضه؛ فهو يقطره خلفه إذا ما توافرت الشروط الضرورية لنهوض الاقتصاد في ظل دولة قوية مستنيرة قادرة على ضمان الأمن ومحاربة قوى التخلف لفتح البلد والمجتمع على التحديث والحداثة.لكن دعوني أميِّز هنا بيت التحديث والحداثة. فلا يكفي التحديث الذي قد يقتصر على إيجاد البنى التحتية والترسانات القانونية والمؤسسات الحديثة لولادة الحداثة التي تظل أكثر من التحديث المادي، وإنما هي روح هذا التحديث (لو استعرنا مصطلح فيبر) وجانبه الفكري/ الفلسفي القائم على خلق تصورات جديدة لعلاقة الإنسان بالآخرين وبالدولة، وبالوجود ككل. في العديد من البلدان الغنية قد نجد تحديثًا من دون حداثة، فنشهد فيها تطورًا في العمران والأبنية والجسور والقصور والمطارات والمؤسسات، لكن يظل البلد محكومًا بعقلية محافظة ما قبل حداثية. مثل هذا التحديث لا يتجاوز مستوى الشكل والمظهر، ينطبق عليه قول الشاعر السوري نزار قباني: «لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية».التحديث الحقيقي هو من يستطيع أن يغير في الذهنيات والعلاقات الاجتماعية ويفتح الأبواب أمام الوعي المحلي لتجاوز عوائقه بنفسه وتقديم قراءات جديدة للواقع وللنصوص الدينية ويضطلع بفهم جديد للدين بحيث يقطع مع القراءات الرجعية التي جمدت الشرع وعوَّقت سيرورة الحداثة والتحديث معًا.قد تنجح دولة ما إذن في عمليات التحديث إذا توافرت لديها الموارد والثروات والإرادة الوطنية لقادتها، لكن الحداثة تحتاج إلى تضافر عوامل أخرى مثل حضور المفكرين والفلاسفة والمصلحين الدينيين. يتيح الاقتصاد الناهض والإدارة السياسية الوطنية المستنيرة إمكانية مستقبلية لسيرورة الحداثة إضافة إلى التحديث فمن مصلحة الاقتصاد والساسة (إذا تمتعوا ببعد نظر) فتح المجتمع وتحرير الدين من تصورات سابقة حجبت وجهه الحضاري الحقيقي.أثر الاقتصاد في الدينلا شك عندي أن الاقتصاد المنهار يشكل بيئة اجتماعية راكدة فقيرة تنتعش فيها قراءات متشددة تقيِّد الاقتصاد، أو في أقل الأحوال سوءًا، قراءات زهدية معرضة عن الحياة وفعالياتها. وقد بينت العديد من الدراسات والأبحاث أن الفقر والبطالة والتخلف في أوساط الشباب المُهملين التي انسدت أمامهم الآفاق هي من أبرز العوامل لتسليمهم دون مقاومة لقوى التطرف والتعبئة الأصولية؛ إذ تستغل هذه القوى الظلامية حاجتهم المادية وفقرهم بتجنيدهم في صفوف الإسلام السياسي برواتب ومغريات مادية، أو تعوض فراغهم وعطالتهم وخواء حياتهم بأن تمنح لوجودهم هدفًا ومعنى كأصحاب عقيدة ومجاهدين في سبيل تحرير السماء من انحرافات الأرض.هكذا يتكرس الجمود العقائدي في زمن الركود الاقتصادي الطويل والمزمن الذي تنتعش فيه القراءات الظلامية بما تحمله من ثقافة الموت التي تصور الحياة بوصفها امتحانًا يوميًّا مرعبًا أو نفقًا مخيفًا تكفي زلة قدم واحدة فيه حتى يسقط المؤمن في قعر جهنم وتصور النشاط الاقتصادي وكأنه تناقض أنطولوجي أزلي مع الدين فتحث على الإعراض عن الدنيا الفانية الزائفة وتكريس حياة المؤمن للتنسك والعبادة انتظارًا ليوم الدينونة الأبدي والحياة الأخرى فيما وراء هذا العالم الزائف. هكذا تولد الظلاميات من رحم الفقر والبطالة والإهمال الاجتماعي وغياب المرجعيات التنويرية، ويصبح الدين عسرًا لا يُسرًا، وعقيدة موت لا عقيدة حياة. لا شك أن مثل هذه القراءات والتعاليم لا تضر فقط بالاقتصاد وإنما بحياة الفرد والمجتمع والدولة. لا شك إذن في أن هيمنة مثل تلك المرجعيات الدينية الرجعية المتخلفة تخلق في الدولة والمجتمع كثيرًا من الأمراض الاجتماعية التي لا تخنق أي اقتصاد وطني وتشلّ حركته فحسب وإنما تسيء إلى الدين والدنيا معًا.في مقابل عقائد الموت تلك، يفتحُ الاقتصاد القوي الناهض الباب على مصراعيه أمام قراءات مستنيرة وإصلاح ديني وتحرر فكري وانفتاح اجتماعي تنمو فيه قيم التسامح والتعايش ليس فقط بين الناس في المجتمع وإنما أيضًا في العلاقة بين الدين والاقتصاد والقوانين التشريعية، حيث يقلُّ التعصب وتتفتح القيم الحديثة، ويعيش المؤمن بطمأنينة رُوحية واكتفاء مادي في عصره وفي دنياه بدل الإعراض عنها فيحيا فيها دون قلق وتوتر وخوف عصابي من الحياة والآخرة، ومن الدنيا والدين معًا. في مثل هذه الظروف الناهضة والحضارية نكتشف إذن الكامن الديني الإيجابي بوصفه دينَ يسرٍ لا عسرٍ، دينَ عملٍ وفاعلية لا دين تواكل وإعراض عن الحياة، ويتكشف الدين عن قدرته الكبيرة في التأقلم مع الاقتصاد، بل دفعه قدمًا إلى الأمام لا الاكتفاء بالسير خلفه كظله، وذلك بالحض على العمل والإنتاج والحياة.هكذا يساهم الانتعاش الاقتصادي الوطني السليم والمعافى في محاربة الفكر الأصولي والرجعية الدينية، ويوصد الباب أمام الإرهاب فهو يُمهّد الطريق للإصلاح الديني والحداثة الفكرية والنهوض الاجتماعي ويبث قيم التسامح والتعايش وقبول الاختلاف. هكذا وفي أثناء حفره مساره العريض الحر ينقي نهر الاقتصاد قوي التدفق المجتمعَ من الشوائب الحضارية التي علقت فيه. تُذكّرني حاجة الاقتصاد إلى تذليل القوانين والعقبات الاجتماعية وبنى المعتقدات التي تعوق حريته بما عُرف في الاقتصاد السياسي ﺑ«مبدأ عدم التدخل» الذي ساد النظريات الاقتصادية الفرنسية في القرن الثامن عشر والذي كان شعاره «دعه يعمل، دعه يمر»؛ إذ كان يدعو الدولة إلى عدم التدخل في الأمور الاقتصادية.لكن حين يواجه الاقتصاد واقعًا دينيًّا محافظًا رجعيًّا متخلفًا نكون عندها أمام إمكانيتين اثنتين: فإما أن تنتصر قوى المحافظة الدينية على حركة التطور والتحرر التي يحبل بها الاقتصاد فتعوق حركته وتعطل تطور المجتمع، وإما أن تنجح رافعة الاقتصاد في حمل التحديث للقراءات الدينية فتغير بالتالي من نظرة الناس والمجتمع وتصوراتهم عن العالم والحياة. في الحالة الثانية لا يتراجع الدين أو ينحرف أتباعه، كما ينعق أصحاب المرجعيات الظلامية، وإنما يشهد حياة جديدة ويعطي أفضل ما فيه كاشفًا عن قدراته الحقيقية في الانفتاح على الآخر وثقافته واختلافه وتقبلًا لممارساته وطقوسه وتسامحًا معه والتعايش معه بما يضمن سلامة الاقتصاد وازدهاره. في «الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية» يذكر فيبر ملاحظة مهمة جدًّا في هذا السياق تؤكد أن العديد من العائلات والمدن والمناطق التي كانت غنية أصلًا قبل مجيء الإصلاح البروتستانتي راحت تتوجه بعد الإصلاح إلى الكنيسة الجديدة. بمعنى أن الثراء هنا لم يشكل مانعًا أمام ممارسة الدين والمحافظة على الجانب الرُّوحي أو العَقَديّ فيه، لكن الثراء ساعد تلك العائلات الثرية على اتباع طريق الإصلاح الديني الذي حررها من قيود الكاثوليكية التي تحجرت مع الزمن وصارت بحاجة إلى إصلاح.ولعل معظم دول الخليج العربي الحديثة خير مثال على فكرتي عن مساهمة الاقتصاد الوطني الناهض في تقديم وجه حديث للإسلام كدين تسامح وتعايش ودين دنيا وإقبال على الحياة وتوازن نفسي وطمأنينة روحية. فنهوض الاقتصاد الوطني وما نتج عنه من رخاء اقتصادي للمواطن الخليجي الذي توافرت له ضمانات العيش المادي الكريم ووسائل الراحة وإمكانيات الاستثمار والعمل الذي تجيزه قوانين سلسلة تسهل من حركة المال والأعمال والتجارة والقوانين التشريعية التي تتجاوز العقبات الشرعية التي يمكن أن تعرقل خطوات الاقتصاد السريعة (مثل إيجاد البنوك الإسلامية لتجاوز مشكلات الفائدة التي تتعامل بها البنوك والمصارف الحديثة والتي قد تفهم إسلاميًّا بوصفها ربًا)، كل ذلك جعل من الدين الممارس هناك، دين يسر لا عسر، دين طمأنينة روحية لا دين قلق وخوف وتوجس وإحساس بالرقابة والتوتر.سمح الاقتصاد إذن للمؤمن الخليجي بالاستمتاع بالدنيا والعيش فيها دون ذلك الشعور بالتناقض الأنطولوجي بين الدنيا والدين. وقد كان لتحرر الاقتصاد الخليجي أن رطّب من الجفاف الصحراوي وجعله أكثر تحررًا وخلصه من وهم الهوية القبلية للدين فانفتح المسلم أكثر على الآخر (الذي جاء الخليج مستثمرًا أو تاجرًا أو ناقلًا أو عاملًا إلخ). وقد ساهمت هذه الظروف الحضارية الإيجابية المحمولة على جناح الاقتصاد في الكشف مجددًا عن وجه التسامح والتعايش المشترك وقبول الاختلاف في الإسلام، وهو وجه حجبته طويلًا القراءات المتشددة المغلقة الرافضة للآخر، وهي -مرة أخرى- قراءات تولد في ظروف الفقر والقهر والانعزال الحضاري.ولعل المملكة العربية السعودية، التي راحت تأخذ مسارًا منفتحًا، هي المثال الأبرز حاليًّا على معقولية هذا الطرح. بإرادة سياسية وطنية شابة وطموحة راغبة في التغيير وبوعيها بضرورة فك اعتماد اقتصاد ذلك البلد النفطي على البترول الذي لن يدوم إلى الأبد، وجدت السعودية ضرورة تحديث قوانين البلد لتسمح للاستثمارات الأجنبية بإمكانية الاستثمار وتوطين شركاتها في بلد كانت قوانينه الدينية تنفِّر رؤوس الأموال الخارجية. هكذا راح الإسلام في المملكة العربية السعودية بدوره يتحرر من القراءات المتشددة، بل يصفي حساباته معها لفتح الأبواب أكثر على الإصلاح الديني والفكر النقدي، والفلسفة والفنون أيضًا. فعندما تبدأ البلد في عملية البناء والنهوض تنهض معها أو خلفها، بقوة التغيير، روح الشعب وطرق التفكير والذهنيات وتتكسر قشور التشدد الصلبة ويتكشف الدين عن يسر حقيقي ويتحول إلى ممارسة حقيقية تعطي الدين أفقًا حضاريًّا جديدًا وعمرًا جديدًا يخرجه من مأزقه الحضاري المزمن الطويل.أظن أن مفتاح التحرر الإسلامي كذلك في بلدان إسلامية غير عربية مثل إندونيسيا وماليزيا كان الاقتصاد أيضًا. فالطموحات الاقتصادية لبلد مثل ماليزيا أراد التشبه باقتصاد نمور آسيا الأربعة في العقد الأخير من القرن الماضي قد دفعته نحو تحرير الإسلام الشعبي البسيط من عقد الخوف من الحرية ورهاب الآخر.هكذا يسهم الاقتصاد في مساعدة الدين على التجدد والانفتاح والتأقلم مع روح العصر، بل وصياغتها ضامنًا بذلك للإنسان حريته وتحقيق ذاته دون أن يتخلى بذلك عن دوره الجوهري كدين يضمن الطمأنينة الروحية والسلام الداخلي وتحقيق مكارم الأخلاق والهداية والتعايش والتسامح بين البشر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى