ترجع زيادة الأسعار فى وقتنا الحالى إلى ارتفاع معدلات التضخم.حيث بلغ معدل التضخم السنوي على مستوى العالم أكثر من الضعف خلال الفترة من مارس/آذار 2021 إلى مارس/آذار 2022. ويعني ارتفاع معدل التضخم زيادة أسعار السلع والخدمات الأساسية مثل الأطعمة والطاقة والنقل والملابس، ما يؤدي بدوره إلى رفع تكلفة المعيشة.
ما هو التضخم؟
ببساطة، التضخم يشير إلى الارتفاع في تكلفة السلع والخدمات خلال فترة زمنية معينة
لماذا يحدث؟
ربما يبدو الأمر معقدا، ولكن ثمة أسباب بسيطة لحدوث التضخم. فيما يلي مثالان:
• التضخم الناتج عن الطلب
عندما يزداد الطلب على سلع أو خدمات ما، فإنه من الممكن أن يؤدي إلى رفع الأسعار. وعادة ما يحدث ذلك عندما يمر الاقتصاد بمرحلة تعاف، ويشعر الناس بالثقة في الأوضاع الاقتصادية، ما يدفعهم إلى إنفاق المزيد من الأموال بدلا من ادخارها.
يبدأ التضخم الناتج عن الطلب بارتفاع في الطلب الاستهلاكي. يحاول التجار الوفاء بالطلب من خلال زيادة المعروض، وعندما لا تكون هناك سلع إضافية كافية لزيادة المعروض، يعمد التجار إلى رفع أسعارهم، ما يؤدي إلى تضخم ناتج عن الطلب، والذي يطلق عليه أيضا “تضخم الأسعار”.
• تضخم التكلفة
يحدث هذا عند ارتفاع تكلفة إنتاج السلع أو الخدمات، وتمرير ذلك الارتفاع إلى المستهلك.
وهذا هو ما شاهدناه مؤخرا في شتى أنحاء العالم. فوباء كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا أديا إلى عرقلة سلاسل الإمداد، وجعلا من الصعب على الشركات إنتاج السلع وتوصيلها، ولكننا سنتطرق إلى ذلك بمزيد من التفصيل لاحقا.
كيف تختلف الصورة حول العالم؟
في كثير من البلدان، بلغ التضخم معدلا مكونا من رقمين خلال الأعوام القليلة الماضية.
في تركيا على سبيل المثال، معدل التضخم السنوي ارتفع إلى 70 في المئة مؤخرا، وفي الأرجنتين وصل إلى نحو 51 في المئة، وفي سريلانكا التي تعاني من أزمة اقتصادية وشهدت حالة من عدم الاستقرار واضطر رئيس وزرائها إلى الاستقالة كان معدل التضخم حوالي 30 في المئة في أبريل/نيسان الماضي.
في إيران، كانت هناك مظاهرات بسبب ارتفاع أسعار الغذاء. المعدل الرسمي للتضخم حوالي 40 في المئة، لكن بعض التقديرات تشير إلى أنه يزيد عن 50 في المئة.
التضخم المفرط، أو الجامح، يشير إلى خروج الأوضاع عن السيطرة.
ويستخدم مصطلح التضخم المفرط للإشارة إلى معدل تضخم مرتفع ومتسارع يؤدي إلى تقليص القيمة الحقيقية للعملة المحلية.
حدث ذلك في الكثير من البلدان مثل لبنان وفنزويلا وزيمبابوي.
لنأخذ القمح على سبيل المثال. أوكرانيا وروسيا اثنتان من كبرى الدول المصدرة له في العالم.
الكثير من البلدان كان يعتمد على واردات القمح من هذين البلدين، ولكن مع تفجر الحرب في أوكرانيا، تعطلت صادرات الحبوب، ما أدى في نهاية المطاف إلى انخفاض الإمدادات وارتفاع الأسعار.
وتصبح الأمور أكثر تعقيدا عندما لا تستطيع الأجور مواكبة ارتفاع معدل التضخم.
يؤدي هذا إلى انخفاض في القدرة الشرائية، ما يجعل من الصعب الاحتفاظ بنفس مستوياتك المعيشية الأساسية.
ما الذي يتسبب في التضخم حاليا؟
كما ذُكر آنفا، الحرب في أوكرانيا ووباء كوفيد-19 كان لهما أثر كبير، ولكن يُضاف إليهما الجفاف الذي شهدته بعض المناطق والسياسات الاقتصادية المحلية، كل ذلك يسهم في ارتفاع الأسعار في مختلف أنحاء العالم.
وقد أسهم وباء كوفيد وتعطيل سلاسل الإمداد ونقص العمالة في ارتفاع أسعار سلع كالغاز والأطعمة والسيارات والأثاث. كما كان للحرب في أوكرانيا تأثير إضافي على أسعار النفط والغاز. هذا فضلا عن تقلص إنتاج القمح في كل من أوكرانيا وروسيا.
ارتفاع أسعار الطاقة يؤثر على كل شيء تقريبا، من تدفئة المنازل إلى نقل السلع إلى مواصلة الإنتاج في المصانع.
ووفقا لبيانات سوق السلع العالمي الصادرة عن منظمة العمل الدولية في مارس/آذار الماضي، فإن أسعار القمح والنفط ارتفعت بمعدل نحو 50 في المئة مقارنة بالعام السابق. كما أن أسعار الحبوب الأخرى تشهد ارتفاعا.
وكتبت فالنتينا ستوفيسكا الخبيرة بقسم الإحصاء بمنظمة العمل الدولية في تقريرها: “بالنسبة للبلدان المستوردة، تمثل زيادة الأسعار عقبة كبيرة أمام النمو الاقتصادي والأوضاع المعيشية، ما يؤدي إلى احتمال زيادة التوترات الاجتماعية والاقتصادية”.
هل التضخم دائما شيء سلبي؟
نعم، هناك وسيلة، ولكنها ليست بسيطة لأنه لا يمكن التحكم في كافة العوامل المؤدية إلى ارتفاع معدل التضخم.
من بين تلك العوامل مشكلات سلاسل الإمداد العالمية التي تسبب فيها وباء كوفيد والحرب على أوكرانيا.
لكن بشكل عام، يمكن للبنوك المركزية أو الحكومات أو كلاهما معا السيطرة على معدلات التضخم.
السياسات النقدية تشمل في إطارها تعديل أسعار الفائدة، وبعض خبراء الاقتصاد يرون أن أسعار الفائدة الأكثر ارتفاعا من شأنها تقليل الطلب على السلع والخدمات، وهذا بدوره سيؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي ومن ثم خفض التضخم.
ويعتبر خبراء المال والاقتصاد التحكم في إمدادات المال وزيادة ضريبة الدخل من الطرق الأخرى للسيطرة على معدلات التضخم.
لكن إذا كنت تقرأ هذا المقال في وقت تجد فيه صعوبة بالغة في شراء السلع الأساسية التي ارتفعت أسعارها بشكل ضخم، فلربما يكون أوان السيطرة على التضخم قد فات.