أصدرت شركة عالمية أول نسخة لها من تقرير النشرة الاقتصادية للمملكة العربية السعودية الذي أشارت فيه إلى أن الناتج المحلي الإجمالي السعودي قد تخطى حاجز تريليون دولار للمرة الأولى في تاريخ المملكة مقترباً بخطى ثابتة من تحقيق أهداف رؤية 2030 في مجالات متعددة.
ووفقاً لـ”بي دبليو سي” يتصدر القطاع الخاص غير النفطي في المملكة النمو في عام 2023، حيث تسارع إلى 5.8% على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2023 ويرتفع بنسبة 13.9% عما كان عليه في عام 2019. وفي المقابل، فإن نمو القطاع الخاص غير النفطي في المملكة تباطأ إلى 3.8% على أساس سنوي، في حين انكمش قطاع النفط بنسبة -4.3% على أساس سنوي بسبب تخفيض الإنتاج.
ويستعرض التقرير الأداء الحالي للمملكة في عدد من الأهداف الاقتصادية مع الاقتراب من نصف المدة المتاحة لتحقيق رؤية 2030 وظهور أثر التحول على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي. وتعزى هذه النتيجة الإيجابية إلى الاستثمارات الكبيرة للقطاعين الخاص والعام ونمو الإيرادات غير النفطية والتنويع المستمر وجهود المرونة الاقتصادية.
ويشير التقرير إلى قوة ملحوظة في الأداء على صعيد عدة مستهدفات، حيث ارتفعت نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة إلى 36% في الربع الأول من عام 2023، وهي نسبة أعلى من المعدل الذي كان مستهدفاً تحقيقه في عام 2030، والمحدد بنسبة 30%. وتأتي هذه الزيادة مدعومة بإجراءات الإصلاح الاجتماعي وسياسات التوطين، مما أدى إلى تسجيل ارتفاع في معدلات دخل الأسر كان بمثابة عامل محوري في زيادة الاستهلاك، الأمر الذي أدى بدوره إلى دعم النمو الاقتصادي بشكل عام.
وارتفعت نسبة امتلاك المنازل بين المواطنين السعوديين من 47% إلى 67%، لتتفوق بذلك على الولايات المتحدة وفرنسا. ويمكن أن تعزى هذه النتائج الممتازة إلى مجموعة من المبادرات الرامية إلى تعزيز المعروض من المساكن الميسورة التكلفة، ومنها فرض ضريبة على الأراضي غير المطورة في المناطق الحضرية وتسهيل الحصول على التمويل، مع اقتراب المملكة حالياً من تحقيق النسبة المستهدفة لعام 2030 التي تبلغ 70%.
وبدأت مبادرات التنويع الاقتصادي تؤتي ثمارها المنشودة بفضل التزام القطاع العام بضخ استثمارات كبرى في القطاعات غير النفطية، حيث تضاعفت الإيرادات غير النفطية مرتين ونصف عن خط الأساس، إذ ارتفعت من 163 مليار دولار إلى 411 مليار دولار في عام 2022، ومن المرتقب أن تشهد زيادة أخرى بنسبة 11% هذا العام.
وكانت خطوة تحويل صندوق الاستثمارات العامة من شركة قابضة صغيرة إلى جهة تبرم الصفقات وتدير المشاريع الضخمة على الصعيد الدولي من أكبر الخطوات الناجحة في استراتيجية تنويع الاقتصاد. ويسير الصندوق في الطريق الصحيح الذي من المنتظر أن يحقق له هدفه المنشود المتمثل بزيادة الأصول التي يديرها بأكثر من 10 أضعاف، علماً بأن حجم الأصول التي يديرها الصندوق قد زادت بالفعل بنحو خمسة أضعاف لتصل إلى 773 مليار دولار بنهاية عام 2022.
وفي هذا السياق صرح رياض النجار، رئيس مجلس إدارة بي دبليو سي الشرق الأوسط والمدير المسؤول في مكتب بي دبليو سي بالمملكة العربية السعودية، قائلاً: “تحرز المملكة بشكل عام تقدماً ملحوظاً على طريق تحقيق رؤية 2030 مع التركيز على مجالات، منها تنويع الاقتصاد غير النفطي، وتحسين البنية التحتية، والنهوض بعمليات التحول الرقمي، وتكوين بيئة أعمال تنافسية، وضمان توفير فرص عمل مناسبة لمواطنيها من خلال أهداف التوطين. وتشكل المبادرات الطموحة التي تنفذها المملكة الأساس الذي سيبنى عليه الاقتصاد السعودي الجديد وسيكون لهذه المبادرات أثر في تحقيق التحول في بيئة الأعمال في المنطقة”.
ويبرز التقرير أن المملكة استطاعت سريعاً تحقيق التعافي في القطاعات غير النفطية بعد انحسار الجائحة، حتى في أشد القطاعات تأثراً بها وهي قطاعات الضيافة والنقل والتجزئة وتجارة الجملة. وعليه، تخطى الناتج المحلي الإجمالي للمملكة 1 تريليون دولار لأول مرة في تاريخه في عام 2022.
وقد أدى النجاح المستمر لهذه المبادرات الاقتصادية إلى تقدّم المملكة إلى المركز السابع عشر في تصنيفات الاقتصاد العالمي بالوصول إلى أعلى معدلات للناتج المحلي الإجمالي في عام 2022. وتهدف المملكة حالياً إلى إحراز المركز الخامس عشر بنهاية هذا العام. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن بمقدور المملكة الوصول بإيراداتها المالية إلى 1,3 تريليون دولار بنهاية 2028.
ومن جانبه، علق فيصل السراج، الشريك الاستشاري ونائب رئيس مكتب بي دبليو سي في المملكة ، قائلاً: “حقق اقتصاد المملكة نمواً استثنائياً منذ الإعلان عن رؤية 2030، ومن المرتقب أن تشكل المبادرات الجديدة والالتزام بالتحول بعد الرؤية أساساً اقتصادياً متيناً يمكن للأجيال القادمة البناء عليه”.