صالح الريمي
النصح والتناصح أمر مهم حتى يتجنب الآخرون بعض الأخطاء التي قد لا يكونوا مدركيها، والإسلام دين النصح والإرشاد ولكن من الكمال أن تكون أفعالنا هي أفضل نصحية نوجها للآخرين قبل أقوالنا!.
حدثني أحد الأصدقاء في خطبة الجمعة الماضية عندما اعتلى الخطيب المنبر أخذ يتحدث عن الصبر والزهد وترك الإسراف، وكانت خطبة صماء ومؤثرة للغاية، وبعد الخطبة أتى إليه أحد عمال النظافة قائلاً: شيخي الفاضل، لقد جئت بسيارة فارهه وفاخرة، وملابسك من أحسن القماش، وعطرًا يفوح حتى ملىء المسجد، وفي يدك أربع خواتم كل خاتمٍ ثمنه بقدر مرتبي وقيمة هاتفك الآيفون بقيمة راتبي لأربعة أشهر.
شيخي تكرماً رافقني يومًا واحدًا إلى غرفتي وأريدك أن تنام فيها من دون فراش اسبليت أو مكيف، ثم تصحو معي قبل الفجر وتمسك المكنسة لتنظف الشارع في هذا الحر الشديد وأنت صائم، لكي تعرف معنى الصبر..
فانا أقوم بهذا العمل كل يوم لاستلم نهاية الشهر مبلغًا زهيداً لا يساوي قيمة قنينة العطر التي تشتريها، عذرًا شيخي الفاضل نحن الفقراء لسنا بحاجة لنتعلم الصبر، فهو رفيق دربنا وحديث مجالسنا، بل حدثني عن عطف الأغنياء وصدقة التجار وظلم السادة ورياء العلماء، والا فلا حاجة لنا بخطبتك الرنانة التي كانت تتحدث عن الصبر، فنحن أعلم بقضيتنا من الذين يقولون مالا يفعلون.
دع قولك يطابق فعلك، وأصدق مع نفسك ولو مرةً واحدة، واحذر قبل أن تنصح الآخرين أنظر إلى نفسك!! هل أنت مطبق ما تنصح به، وقبل أن تفتش عن عيوب الآخرين أصلح نفسك ثم غيرك، فأسوأ الأحوال أن تصبح أقوالنا بلا أفعال..
قال الشاعر أبو الأسود الدؤلي:
لَا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ
عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ
ترويقة:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مررت ليلة أسري بي على قوم شفاههم تقرض بمقاريض من نار، قال: قلت: من هؤلاء؟ قالوا: خطباء من أهل الدنيا ممن كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون؟).
ومضة:
قال تعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ).
