اقتصادية

وصايا النرويج العشر

كتب النرويجيون ذات يوم 10 وصايا للتعامل الأمثل مع النفط الذي ظهر فجأة وخشوا أن يختفي في وقت لا ينفع معه الندم، الشعب الصغير في شمال الكرة الأرضية، الذي يعيش في طقس متطرف بارد جداً، ونهار قصير معظم السنة، وجد أنه في عين العالم بعدما أضحى من البلدان الأهم في إنتاج النفط والغاز بداية السبعينات الميلادية.
ليتحول إلى أهم مورد مالي للدولة الفقيرة والمترامية الأطراف والساعية لإحداث تنمية كبرى في بلد صحراوي قاحل.

لكن السؤال الذي لطالما طرح في كواليس الحكومة السعودية وعند النخب: هل سيبقى النفط للأبد؟؟ وربما السؤال الأصعب، هل ستستمر أهميته في العالم للأبد؟؟ لا شك أن كلا السؤالين يؤديان لنفس النتيجة، وهذا يعني: إذا لم يكن هناك بديل مالي جاهز فإن الدول المدمنة للنفط والمعتمدة على إيراداته ستجد نفسها في مهب الريح وفي ضع اقتصادي صعب، ولعل تقلبات أسعار النفط منذ الثمانينات إلى الآن خير دليل، فإذا ارتفعت المداخيل ارتاحت الدول، وإذا تقلصت «شدت الحزام» وتراجعت التنمية.

أسست المملكة العربية السعودية سنة 1971 صندوقها السيادي كذراع استثماري بعد تعاظم العوائد النفطية، لكنه بقي في زاوية صغيرة من زوايا وزارة المالية، ولم يعط أهميته الكبيرة إلا مع تولي الأمير محمد بن سلمان -ولي العهد السعودي- مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية عام 2015، واضعاً رؤيته الملهمة ومحولاً الصندوق إلى ذراع مالي واستثماري ثقيل تستطيع أن يكفي السعودية من احتياجاتها المالية ذات يوم.

وكأن التجربة النرويجية تتكرر في السعودية، ولكن مع حركة وديناميكية أسرع، إذ تحول الصندوق السعودي وفي غضون أقل من سبع سنوات إلى واحد من بين أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، فهو يحتل المركز الخامس بإجمالي أصول تقدر بـ620 مليار دولار، حسب تقديرات نشرت في أبريل 2022 الفائت.

وكما نجحت التجربة النرويجية، يأتي تعظيم دور صندوق الاستثمارات العامة، والتوظيف الممتاز للإمكانات السياحية والاقتصادية واللوجستية والدينية بهدف التخلي التدريجي عن عائدات النفط، ولتأتي موارد المملكة المالية من مشاريعها العملاقة في نيوم وجزر البحر الأحمر والسودة والقدية ووسط جدة، ومن التحول إلى واحدة من الوجهات السياحية الأولى حول العالم، ما يضمن إيرادات مستدامة تغطي الحاجات التنموية الملحة للسعوديين، الذين يسعون أن تكون بلادهم قائدة لقطار النهضة في الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى