اتفقت الحكومة التونسية والنقابات العمالية والتجارية الرئيسية مساء أول من أمس، على بدء محادثات يوم غد (الاثنين) بشأن الإصلاحات الاقتصادية التي يطلبها صندوق النقد الدولي، من أجل منح تونس برنامج إنقاذ.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية، نقلاً عن بيان حكومي، أن رئيسة الوزراء نجلاء بودن، ورئيس الاتحاد العام التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، ورئيس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية سمير ماجول، اتفقوا على «عقد اجتماعي» لمواجهة التحديات في البلاد.
وكان الاتحاد العام للشغل من أشد المنتقدين للإصلاحات الاقتصادية لصندوق النقد الدولي التي اقترحتها الحكومة، بما في ذلك خفض الدعم، وتجميد أجور القطاع العام، وإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة. وسبق أن قال إن مثل هذه الإصلاحات «ستزيد من معاناة التونسيين، وتؤدي إلى انهيار اجتماعي وشيك».
وتسعى تونس للحصول على دعم من صندوق النقد الدولي، يبلغ 4 مليارات دولار، وسط التداعيات الاقتصادية لجائحة فيروس «كورونا» والحرب في أوكرانيا، على الرغم من أن مصادر دبلوماسية قالت لوكالة «رويترز» للأنباء، إنه من غير المرجح أن يصل أي برنامج يقره صندوق النقد الدولي إلى هذا المستوى.
وفي المقابل، يريد صندوق النقد الدولي من الاتحاد العام التونسي للشغل أن يوافق رسمياً على الإصلاحات الحكومية، على اعتبار أن الاتحاد العام التونسي للشغل يعتبر أكبر اتحاد قوي يضم مليون عضو، وسبق أن شل أجزاء من الاقتصاد في احتجاجات متتالية. وتعقدت جهود تأمين برنامج الإنقاذ من صندوق النقد الدولي، بسبب الاضطرابات السياسية في تونس، منذ سيطرة الرئيس قيس سعيد على معظم السلطات قبل عام، وتعطيله البرلمان وتحركه للحكم بمراسيم. كما مرر في الشهر الماضي دستوراً جديداً يضفي الطابع الرسمي على عديد من السلطات الموسعة التي تولاها في استفتاء. وقد أظهرت الأرقام الرسمية أن 31 في المائة من التونسيين شاركوا في هذا الاقتراع؛ لكن جماعات المعارضة رفضت الرقم، ووصفته بأنه «مبالغ فيه».
وكانت وزيرة الماليّة التونسية سهام البوغديري نمصيّة، قد التقت مساء الخميس الخبير لدى صندوق النّقد الدّولي المختصّ في مجال السياسات الجبائيّة، باتريك بوتي. وهو اللّقاء الذي جاء عقب سلسلة من الاجتماعات عقدها الخبير الدولي مع عدد من الهياكل المعنية بالجباية بوزارة الماليّة والهياكل العمومية ذات الصلة، وعدد من الفاعلين الاقتصاديين والمنظمات الوطنيّة التونسية، وذلك خلال زيارته إلى تونس، في إطار برنامج التعاون الفنّي بين تونس وصندوق النقد الدولي، لإصلاح المنظومة الجبائية الذي يتنزّل ضمن برنامج الإصلاحات الكبرى للحكومة.
وخلال اللقاء، أعربت وزيرة الماليّة عن حرص الدّولة التونسيّة على مواصلة إصلاح المنظومة الجبائيّة، ووضع الآليات الكفيلة بتبسيط النظام الجبائي، وتكريس مبدأ العدالة وتوسيع القاعدة، فضلاً عن تعصير إدارة الجباية، وتعميم رقمنة الخدمات الموجهة للمطالبين بالأداء؛ مؤكّدة أنّ جملة هذه الإجراءات ستساعد المؤسسة الاقتصاديّة على أداء واجبها الجبائي بالسرعة والنّجاعة المطلوبة، كما ستساعد على تحسين موارد الدّولة الذاتيّة، دون إثقال كاهل المؤسسة، وأيضاً على تحسين مناخ الأعمال ومقاومة التهرب الجبائي والاقتصاد الموازي.
ومن جهته، أكّد بوتي التزام الصندوق بدعم تونس في إصلاح المنظومة الجبائيّة، مبرزاً ما لقيه لدى مختلف الأطراف المتدخّلة من التزام بأهميّة تطوير المنظومة الجبائيّة، من أجل تحسين مناخ الاستثمار، وتطوير موارد الدّولة، وتجويد تموقع تونس على الساحة الدولية كوجهة جاذبة الاستثمار.